المالكي في تفسيره " الجامع لاحكام القران " . . * التفاسير التاريخية : وهي التي عني مؤلفوها بالقصص ، وأخبار الامم السابقة ، كما فعل الثعلبي والخازن . . . * تفاسير الفرق : وهي التي وضعها أصحاب الفرق والعقائد المتباينة ، محاولين تأويل كلام الله حسب مذاهبهم ، كما فعل الرماني ، والجبائي ، والقاضي عبد الجبار ، والزمخشري . . . * تفاسير المتصوفة : وهي التي قصد مؤلفوها نواحي الترغيب والترهيب ، واستنباط الاسرار الباطنية والاشارت الرمزية ، كما فعل ابن عربي ، وأبو عبد الرحمن السلمي . . . / صفحة 18 / التفسير بالمأثور تفسير
بالمأثور - أو التفسير النقلي - هو تفسير القران بما جاء في القرآن نفسه من تبيان لبعض آياته ، وبما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين . وقد كان هذا النوع من التفاسير أولها ظهورا كما تدرج خلال تطور هذا العلم من الرواية في عصر الصحابة والتابعين إلى التدوين في القرن الثاني ، لان الحديث كان أول ما اهتم العلماء بتدوينه ، ثم لما انفصل التفسير عن الحديث وأفرد بتأليف خاص كان أول ما ظهر فيه صحيفة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، ثم ظهرت أجزاء في التفسير كجزء أبي روق ، وأجزاء محمد بن ثور عن ابن جريج ( 1 ) ، ثم ظهر التأليف الموسوعي في التفسير الذي جمع أصحابه فيه كل ما روي من التفسير المأثور كتفسير ابن جرير الطبري ، وتوسع أصحابها في النقل وأكثروا منه بالاسانيد المتصلة حتى استقاض . ثم وجد بعد ذلك أقوام دونوا التفسير بالمأثور بدون ذكر الاسانيد ، وأكثروا من نقل الاقوال بدون التفرقة بين الصحيح وغيره ، مما أفقد الثقة بها ، ويخاصة عن ابن عباس وعلي بن أبي طالب ، حتى نقل عن الامام الشافعي قوله : " لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث " ( 2 ) وهو عدد لا يكاد يذكر أمام ما يروى عن ابن عباس في التفسير ، وهذا يدل على مبلغ ما دخل في التفسير بالمأثور من الروايات الموضوعة والاسرائيلية ، ولقد كانت كثرة المرويات أكبر عامل في صرف همة العلماء إلى البحث والتمحيص ، والنقد والتعديل والتجريح ، وترجع أسباب الضعف في رواية التفسير بالمأثور إلى كثرة الوضع ، ودخول الاسرائيليات . * أما الوضع فقد كان مصدره أهل البدع والاهواء والفرق ، والاقوام الذي دخلوا في الاسلام ظاهرا وهم يبطنون الكفر بقصد الكيد له وتضليل أهله ، فوضعوا الروايات الباطلة في تفسير القران ليصلوا إلى أغراضهم ، فكثرت الروايات ، وضمن مؤلفوا التفاسير هذه الروايات في كتبهم دون تحر منهم لصحة أسانيدها ، لان منهجهم في التأليف كان إيراد كل ما ورد من الروايات في الاية الواحدة تاركين أمر تمحيصها لثقافة القارئ . ولقد بذل المحدثون في هذه الفترة جهودا جبارة في مقاومة الوضع وتمييز الصحيح من الروايات عن غيره ، ووضعوا في ذلك التصانيف ، وأنشأوا علم مصطلح الحديث ، ووضعوا قواعد دقيقة جدا لمعرفة الصحيح من غيره ، حتى ميزوا الصحيح من الموضوع فحفظ الله بهم دينه ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) . التفسير والاسرائيليات * وأما الاسرائيليات : فيمكن تعريفها بأنها الروايات المأخوذة عن اليهود والنصارى في أخبار أممهم السابقة وقصص أنبيائهم ، وإن كان الجانب اليهودي هو الذي اشتهر أمره ، وغلب على الجانب النصراني بسبب أغلبية اليهود في ذلك الوقت واختلاطهم مع المسملين في بلادهم ، ولقد نزل القرآن بموضوعات وردت في التوراة والانجيل ، كقصة آدم عليه السلام ونزوله إلى الارض ، وقصة موسى عليه السلام مع قومه اليهود ، وقصة عيسى عليه السلام وأمه مريم ، كل ذلك ورد في القرآن الكريم موجزا يقتصر على ذكر العظة والعبرة من قصصهم دون التعرض لتفاصيل قصصهم ، وقد وجد المسلمون تفصيل هذا الايجاز عند أهل الديانات السابقة بما لا يتعارض مع شريعتهم ، فلجاوا إليهم ، واقتبسوا منهم ، دون تحر منهم لصحة هذه الاخبار . * ( هامش ) * ( 1 ) السيوطي ، الاتقان 2 / 88 . ( 2 ) السيوطي ، الاتقان 2 / 189 . ( * ) / صفحة 19 / وقد أخبر الله تعالى في القرآن أن أهل الكتاب قد حرفوا كتبهم فقال : ( يحرفون الكلم عن مواضعه ) ( 1 ) وقال : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ، فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ) ( 2 ) . كما بين النبي صلى الله عليه وسلم لاصحابه الموقف الواجب اتخاذه تجاه أهل الكتاب فقال : " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم " ( 3 ) ولكن المسلمين تساهلوا في الاخذ عن أهل الكتاب وهكذا دخلت الاسرائيليات في كتب التفسير ، وكانت مصادر الاسرائيليات تدور حول أربعة أشخاص هم : عبد الله بن سلام ، وكعب الاحبار ، ووهب بن منبه ، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريح . الاسرائيليات وأثرها في التفسير بالمأثور قسم العلماء الاسرائيليات إلى ثلاثة أقسام : ( الاول ) مقبول وهو ما علم صحته بالنقل الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك كتعيين اسم الخصر عليه السلام ، إذ ورد فيه حديث صحيح عند البخاري في صحيحه ، في كتاب التفسير ، أو ما كان له شاهد من الشرع يؤيده . ( والثاني ) مسكوت عنه : وهو ما لم يعلم صحته ولا كذبه ، وهذا القسم تجوز حكايته للعظة والعبرة ، ولا نؤمن بصدقه ولا كذبه امتثالا لامر رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا . . . " ( والثالث ) مرفوض : وهو ما علم كذبه لتناقضه مع تنا
شريعتنا أو مخالفته للعق ، ولا يصح تصديقه ولا قبوله ولا روايته ، وإذا رواه المفسر في تفسيره وجب عليه بيانه . وقد كان لهذه الاسرائيليات أثر سئ في التفسير ، إذ أدخلت فيه كثيرا من القصص الخيالي المخترع ، والاخبار المكذوبة ، وهذا ما دفع العلماء لمقاومتها ، وإخضاعها لمعابير نقد الرواية ، وموازين الشريعة لتمييز المقبول من المردود . وبسبب هذه الاسرائيليات تفاوتت الثقة في كثير من التفاسير التي وضعها كبار الائمة . أشهر من بين هذه الكتب ثمانية ، تفاوتت قيمتها عند الامة بين القبول والرفض ، وسنذكرها مع تبيان قيمة كل واحد منها : 1 - جامع البيان لابن جرير الطبري ( ت 310 ه ) ( 4 ) : وهو من أقدم التفاسير وأشهرها ، كما يعتبر المرجع الاول عند المفسرين بالنقل والعقل ، نظرا لما فيه من الروايات والاستنباطات ، وترجيح بعضها على بعض ، ويقع في ثلاثين جزئا من الحجم الكبير ، وهو مطبوع ، وتقوم دار المعرفة في بيروت بنشره ، كما قام العلامة أحمد شاكر ورحمه الله بتحقيق نصفه واخترمته المنية قبل إتمامه . 2 - بحر العلوم للسمرقندي ( ت 373 ه ) ( 5 ) : صاحبه هو الامام أبو الليث نصر بن محمد بن إبراهيم ، الفقيه الحنفي المعروف بإمام الهدى ، وهو تفسير لطيف مفيد لكنه يذكر الروايات مجردة عن أسانيدها ، دون ترجيح ، وقد خرج أحاديثه قاسم بن قطلوبغا ( ت 854 ه ) ، وهذا التفسير مخطوط في ثلاث مجلدات كبار بدار الكتب المصرية . * ( هامش ) * ( 1 ) سورة النساء ( 4 ) ، الاية ( 46 ) . ( 2 ) سورة البقرة ( 2 ) ، الاية ( 79 ) . ( 3 ) حديث صحيح أخرجه البخاري في كتاب التفسير من صحيحه . ( 4 ) الذهبي ، التفسير والمفسرون 1 / 205 . ( 5 ) حاجي خليفة ، كشف الظنون 1 / 324 . ( * ) / صفحة 20 / 3 - الكشف والبيان للثعلبي - أو الثعالبي - ( ت 427 ه ) ( 1 ) : صاحبه أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم النيسابوري المقرئ ، المفسر ، الحافظ ، الواعظ ، رأس التفسير والعربية ، قال ابن خلكان : ( وصنف التفسير الكبير الذي فاق غيره من التفاسير ) وقد ذكر الثعالبي في مقدمته لتفسيره منهجه ومصادره وأسانيدها إلى من يروي عنه ، واكتفى بذلك عن ذكر الاسانيد أثناء الكتاب وهو كتاب حافل بالاسرائيليات دون التنبيه عليها ، ويوجد منه مخطوط غير كامل في مكتبة الازهر ينتهي عند أواخر سورة الفرقان . 4 - معالم التنزيل للبغوي ( ت 516 ه ) ( 2 ) : صاحبه أبو محمد الحسين بن مسعود ، الفراء ، البغوي ، الفقيه الشافعي ، المحدث ، وقد وصف الخازن هذا التفسير فقال : ( من أجل المصنفات في علم التفسير وأعلاها ، وأنبلها وأسناها ، جامع للصحيح من