الدكتور محمد حسين الذهبي في كتابه " التفسير والمفسرون " 1 / 242 - 247 . ( * ) / صفحة 23 / جرير . اعتنى فيه مؤلفه بالرواية عن مفسري السلف ، ففسر فيه كلام الله تعالى بالاحاديث والاثار مسندة إلى أصحابها ، مع الكلام عما يحتاج إليه جرحا وتعديلا . منهجه وقد قدم له مؤلفه بمقدمة طويلة هامة ، تعرض فيها لكثير من الامور التي لها تعلق واتصال بالقران وتفسيره ، ولكن أغلب هذه المقدمة مأخوذ بنصه من كلام شيخه ابن تيمية الذي ذكره في " مقدمته في أصول التفسير " . وهو يمتاز في طريقته بأنه يذكر الاية ، ثم يفسرها بعبارة سهلة موجزة ، وإن أمكن توضيح الاية أخرى ذكرها وقارن بين الايتين حتى يتبين المعنى ويظهر المراد ، وهو شديد العناية بهذا النوع من التفسير الذي يسمونه تفسير القران بالقران ، وهذا الكتاب أكثر ما عرف من كتب التفسير سردا للايات المتناسبة في المعنى الواحد . ثم يعد أن يفرغ من هذا كله ، يشرع في سرد الاحاديث المرفوعة التي تتعلق بالاية ، ويبين ما يحتج به وما لا يحتج به منها ، ثم يردف هذا بأقوال الصحابة والتابعين ومن يليهم من علماء السلف . ونجد ابن كثير يرجح بعض الاقوال على بعض ، ويضعف بعض الروايات ، ويصحح بعضا آخر منها ، ويعدل بعض الرواة ويجرح بعضا آخر . وهذا يرجع إلى ما كان عليه من المعرفة بفنون الحديث وأحوال الرجال . مصادره وكثيرا ما نجد ابن كثير ينقل من تفسير ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وتفسير ابن عطية ، وغيرهم ممن تقدمه . ابن كثير والاسرائيليات ومما يمتاز به ابن كثير ، أنه ينبه إلى ما في التفسير المأثور من منكرات الاسرائيليات ، ويحذر منها على وجه الاجمال تارة ، وعلى وجه التعيين والبيان لبعض منكراتها تارة أخرى . فمثلا عند تفسيره لقوله تعالى في الاية ( 67 ) وما بعدها من سورة البقرة ( إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة . . ) إلى آخر القصة ، نراه يقص لنا قصة طويلة وغريبة عن طلبهم للبقرة المخصوصة ، وعن وجودهم لها عند رجل من بني إسرائيل كان من أبر الناس بأبيه . . الخ ، ويروي كل ما قيل في ذلك عن بعض علماء السلف . . . ثم بعد أن يفرغ من هذا كله يقول ما نصه : " وهذه السياقات عن عبيدة وأبي العالية والسدي وغيرهم ، فيها اختلاف ، والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل ، وهي مما يجوز نقلها ولكن لا تصدق ولا تكذب ، فلهذا لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا . والله أعلم " . ومثلا عند تفسيره لاول سورة " ق " نراه يعرض لمعنى هذا الحرف في أول السورة ( ق ) ويقول : " . . . وقد روي عن بعض السلف أنهم قالوا " ق " جبل محيط بجميع الارض يقال له جبل قاف ، وكأن هذا - والله أعلم - من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم مما لا يصدق ولا يكذب ، وعندي أن هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاف بعض زنادقتهم ، يلبسون به على الناس أمر دينهم ، كما افتري في هذه الامة مع جلالة قدر علمائها وحفاظها وأئمتها أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وما بالعهد من قدم ، فكيف بأمة بني إسرائيل مع طول المدى وقلة الحفاظ النقاد / صفحة 24 / فيهم ، وشربهم الخمور وتحريف علمائهم الكلم عن مواضعه ، وتبديل كتب الله وآياته ؟ . وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله " وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " فيما قد يجوزه العقل ، فأما فيما تحيله العقول ، ويحكم فيه بالبطلان ، ويغلب على الظنون كذبه ، فليس من هذا القيل . والله أعلم " ا ه . ابن كثير والمسائل الفقهية كما نلاحظ على ابن كثير أنه يدخل في المناقشات الفقهية ، ويذكر أقوال العلماء وأدلتهم عندما يشرح آية من آيات الاحكام ، وإن شئت أن ترى مثالا لذلك فارجع إليه عند تفسير قوله تعالى في الاية ( 185 ) من سورة البقرة ( . . . فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر . . . ) الاية ، فإنه ذكر أربع مسائل تتعلق بهذه الاية ، وذكر أقوال العلماء فيها ، وأدلتهم على ما ذهبوا إليه ، وارجع إليه عند تفسير قوله تعالى في الاية ( 230 ) من سورة البقرة أيضا ( فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره . . . ) ة
............................................................
فإنه قد تعرض لما يشترط في نكاح الزوج المحلل ، وذكر أقوال العلماء وأدلتهم . وهكذا يدخل ابن كثير في خلافات الفقهاء ، ويخوض في مذاهبهم وأدلتهم كلما تكلم عن آية لها تعلق بالاحكام ، ولكنه مع هذا التفسير من خير كتب التفسير بالمأثور ، وقد شهد له بعض العلماء ، فقال السيوطي في ذيل تذكرة الحافظ ، والزرقاني في شرح المواهب : ( إنه لم يؤلف على نمط مثله ) . مخطوطاب التفسير نص بروكلمان في ذيل " تاريخ الادب " 2 / 49 ( بالاصل الالماني ) على وجود ( 7 ) نسخ خطية لهذا الكتاب وهي : 1 - نسخة المكتبة السليمانية باسطنبول رقم ( 67 ) . 2 - نسخة مكتبة سليم آغا باسطنبول 8 / 11 . 3 - نسخة مكتبة نور عثمانية باسطنبول 187 / 8 . 4 - نسخة المكتبة الحميدية باسطنبول 42 / 3 . 5 - نسخة مكتبة دار الكتب المصرية 1 / 37 . 6 - نسخة مكتبة ولاية رامپور بالهند 1 / 24 ، 41 . 7 - نسخة المكتبة الشرقية العامة في بنكيبور في الهند - باتنا 1410 / 3 . 8 - وتوجد نسخة خطية في مكتبة الحرم المكي مقابلة على نسخة المؤلف . ورد ذكرها في طبعة دار الفكر الصادرة عام 1385 ه في ( 7 ) أجزاء . طبعاته أما طبعاته فهي كثيرة جدا نذكر منها الطبعات الاصلية دون المصورة حسب التسلسل الزمني لتاريخ صدورها : / صفحة 25 / 1 - طبع لاول مرة بهامش " فتح البيان في مقاصد القرآن " لصديق حسن خان في بولاق عام 1302 ه . وفي أره عام 1307 ه ، وفي القاهرة عام 1345 ه ، ذكره سركيس في " معجم المطبوعات " ص 226 وبروكلمان في ذيل " تاريخ الادب " 2 / 49 ( بالاصل الالماني ) . 2 - وطبع مع تفسير " معالم التنزيل " للبغوي ، أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء ( ت 456 ه ) بعناية محمد رشيد رضا في القاهرة عام 1342 ه في جزءين على نفقة الامير عبد العزيز أمير نجد ، ذكره سركيس في " جامع التصانيف الحديثة " لعام ( 1927 م ) 1 / 86 ، وبروكلمان في ذيل " تاريخ الادب " ( الاصل الالماني ) 2 / 49 . 3 - وطبع مع تفسير البغوي المسمى " معالم التنزيل " بأسفل صفحاته وبآخره " فضائل القرآن " لابن كثير في مطبعة المنار بالقاهرة عام ( 1347 ه ) في ( 9 ) أجزاء ، ذكرته عايدة نصير في " الكتب العربية التي نشرت في الجمهورية العربية المتحدة ( مصر ) بين عامي 1926 / 1940 م " ( 1 ) ص 25 . 4 - وطبع مستقلا باسم " تفسير القرآن العظيم " بمطبعة مصطفى محمد في القاهرة عام 1356 ه . ذكرته عايدة نصير في المصدر نفسه . 5 - وطبع مستقلا أيضا باسم " تفسير القرآن الكريم " بمطبعة عيسى البابي الحلبي عام 1372 ه في ( 4 ) أجزاء ، ذكره د . أحمد محمد منصور في " دليل المطبوعات المصرية بين عامي 1940 - 1956 م " ص 22 . 6 - وطبع مستقلا باسم " تفسير ابن كثير " بدار الفكر في بيروت عام 1386 ه في ( 7 ) أجزاء من القطع المتوسط 17 * 24 سنتم وعندي نسخة منه . 7 - وظهرت أول طبعة محققة لهذا الكتاب عام 1393 ه بمطابع الشعب بالقاهرة ، عمل في تحقيقها محمد إبراهيم البنا ، ومحمد أحمد عاشور ، وعبد العزيز عنيم في ( 8 ) أجزاء . يوسف عبد الرحمن المرعشلي بيروت في 1 ذي الحجة 1405 ه . * ( هامش ) * ( 1 ) وهو من منشورات قسم النشر بالجامعة الاميركية بالقاهرة عام 1969 م . ( * ) / صفحة 3 / بسم الله الرحمن الرحيم ( قال الشيخ الامام الاوحد ، البارع الحافظ المتقي ، عماد الدين أبو الفداء : إسماعيل بن الخطيب أبي حفص عمر بن كثير ، الشافعي . ( رحمه الله تعالى ورضي عنه ) . الحمد لله رب الذي افتتح كتابه بالحمد فقال ( الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ) وقال تعالى : ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا * وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا * ما لهم به من علم ولا لابائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم