نحن هنا في أوائل القرن الواحد والعشرون...نقبع على أرض يسمونها الأرض العربية.....
تحمل كل العوالم عنا انطباعا بأننا الأقل والأدنى في كل شيء في العالم أجمع... بينما نحن نرى أن عكس ذلك هو الصحيح...
تعدادنا كثير كثير...نمللك الكثير من الأموال والدنانير الذهبية ونعد من أكبر الدول المصدرة لخيراتها كنوزها ولكن دونما ثمن..وللأسف
بلادنا حوت كل عجيب وغريب من طبيعة وكنوز وفقر وقفر وغنى ومنى وسعادة و تعاسة وبشر وجن....
يحكمنا أقوام لا ينتمون ألينا ولا ننتمي إليهم,,,
إننا لا نعرف من أين أتوا ...ولا كيف أتوا ..ولا متى مددنا إليهم أيدينا
لنبايعهم على السمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر والذل والصحة والمرض
والموت والحياة....
صحونا ذات ليلة فوجدناهم مستلقين فوق رؤوسنا يتقلبون في خيراتنا وينهلون من نعمائنا ثم لا يلبثون أن يمتصوا دمائنا....
عرفنا بعد ذلك أننا أطلنا النوم في تلك الليلة.....وأن علينا إلا نرفع رؤوسنا لكي لا يسقطوا...
إنهم يروننا هم وجندهم من حيث لا نراهم إلا في رؤوس الصحف ومطلع نشرات الأخبار...
أنهم يعرفون ما نأكل وما نشرب وما ندخر في بيوتنا ويعرفون ما نتحدث به وما نتكلم فيه
يسمعون الهمس ويفهمون الغمز ولا تستحيل عليهم معضلة....
هكذا حدثونا عنهم كثيرا....
وكثيرا ما نبؤنا عن شدة مكرهم وعظيم حيلتهم وقوة بأسهم....
وأظن أن ذلك أورث جيلنا شيئا من الخوف والجبن...وربما شيئا من بلاهة....
العالم كله يتحدث من أجلنا ويعقد المؤتمرات لنا وتقام الندوات باسمنا...ولكن عندما استطلعنا الحقيقة وجدنا أن ذلك للقضاء علينا....
كثيرا ما أتوا لديارنا ليغيثوا المنكوبين ويعلموا الجاهلين ويداووا المرضى
ويسلحوا العزل المنقطعين ليواجهوا ضربات المغيرين...ولكن لم نجد إلا تفشي
في العلل وكثرة في المرض وموتا في المسلحين وجهالة أبت إلا أن تحيط
بالمثقفين فضلا عن الجاهلين.....
حدثونا عن أمجادنا السابقة ...عن عزة جدودنا التالدة عن تلك الخيول التي
كانت تصهل أمام باب أشبيلية فتجيبها أفراس ترعى أمام قصر حاكم القسطنطينية
الزائل هو وحكمه...
وقصوا علينا قصة الفتوحات و البطولات العظمى و عن تلك التيجان والنياشين
التي طالما أزلناها من فوق رؤوسٍ فارغة لا تستحقها وأكتاف اكتنفها الظلم
وخيم عليها الغدر......
حدثونا عن جندي منا خاض المحيط بفرسه بحثا عن حبة رمل لم يطأها فرس مجاهد.....
وقصوا علينا حكاية الجندي الذي غدا إلى ملك من ملوك الدنيا فحسبه الأمير
وهو لم يكن إلا جندي من ألف جندي كانوا سوية أما أمام قانون واحد هو قانون
السماء العادل...
كم مرة سمعتهم وهم يرددون خبر الفارس الذي قتل مائة رجل مبارزة فما بالك بمن قتلهم في المعركة...
لقد حدثونا عن قصة قائد منا كان يهرع إلى حصن العدو بالليل فيعرف طرقه
وسككه وأزقته ومناطق ضعفه وعجزه ثم لا يدخله بجيشه إلا نهارا جهارا أنفة
من أن يقولوا أخذهم بليل على غرة...
كم مرة وقفنا على شم الصخور وموانعها فلا نلبث أن نكبر تكبيرة واحدة ينهد لها الجلمود القاسي فرقا وهلعا...
كانوا يحدثوننا عن كل ذلك...في زمن أصبحنا فيه أصفارا على الشمال..في زمن
تكالبت علينا فيه المحن والإحن والأعاصير والفتن.... فنستطيب الحديث عن
هذه الأمجاد التالدة وكأننا نسمع أسطورة أزلية مضت منذ ألاف السنين ثم لا
نلبث أن نسترخي في أما كننا ونخلد إلى النوم وكأننا صغار أمام ركبتي جدتهم
تحدثهم عن قصة اختلقتها مخيلة العجوز الهاوية....
نعم هذا هو حالنا ونحن على أبواب القرن الحادي والعشرين....
فهذه نصائحنا نقدمها لكم معشر الشعوب القادمة التي ستخلفنا على هذه الأرض
والتي ستأتي لتهدم ما شاءت مما نحتته أيدينا على هذه الأرض وصنعته أو تبقي
عليه في متاحفها أثارا لقوا غابرين.....
نقدمها لكم نصائح لتتعظوا بما فيها من دروس ومواقف تجارب مرت وكرت علينا والسعيد من وعض بغيره....
نصيحتنا نقدمها إليكم لله ....ثم للتاريخ ليسجل في صفحاته التي لا تمحى
بأنه كان هناك بضعة أقوام عرفوا ما حل بأمتهم وما نزل بساحتها فآلمهم أن
يقع فيه غيرهم فقدموا هذه النصيحة من أجل ذلك...
يا أيها السائرون فوق أجداثنا مهلاً مهلاً... ورويدكم رويدكم إنكم لتسيرون
الآن فوق أضرحة قوم ما استمتعوا يدنياهم وهم أحياء فدعوهم يتمتعوا بباطن
الأرض وهم أموات....!!!
وتحياااااتي للجميييييييييع