المفتاح الحقيقي للوصول إلى العمل الجيد
مفاهيم إدارية
تكونت المنظمات بواسطة الإنسان لخدمة الإنسان، وفعالية هذه المنظمات تعتمد بالدرجة الأولى على أداء الإنسان المكوِّن لها. كيف لنا تحقيق الأهداف الموضوعة والحصول على النتائج الجيدة إن لم يكن من خلال العاملين؟!.
كثير من رؤساء المنظمات يصبون جل اهتمامهم على النتائج ولا يهتمون بالمحققين لهذه النتائج، قد تكون هذه المنظمة منظمة منتجة، ولكن ليس بالتأكيد على المدى البعيد؛ فإنجاز الأعمال لا يعني إتقانها، أي أن هذه المنظمة تنتج كماً لا نوعاً، فالإنتاجية ليست مجرد الحصول على العمل وإنما جودة ونوعية العمل أيضاً. السؤال هنا: كيف يمكننا أن نحصل على هذه الجودة؟
لا أريد بالحديث هنا اختيار الإداري أو العامل المؤهل أو تدريبه وتطويره وغيرها، والتي لا تخفى أهميتها على أحد؛ ولكن أريد التركيز على بعض النقاط في علاقات الرؤساء بالمرؤوسين، و دعم مشاعر الرضا عن النفس لدى الموظفين، والتي ينبغي للمدير أو القائد في المنظمة الإلمام والاهتمام بها مما لها من أثر كبير في جودة العمل ونشر روح المبادرة والمسؤولية لدى الجميع. .
. يقول أحد الإداريين: "الإنسان الذي يشعر بالسعادة والرضا من نفسه هو الذي يعطي النتائج الجيدة"، يميل الإنسان بطبعه إلى أداء الأعمال والمهام التي تتيح له فرصة استخدام قدراته ومهاراته، فكل إنسان يمتلك قدرات ومهارات تشعره بأهميته في هذا المجتمع، وأهم ما يُشعر الإنسان بالسعادة الإحساس بأنه الرجل المناسب لهذا الدور أو العمل. والشعور بالأهمية من أعمق المحفزات في الطبيعة البشرية، فينبغي معرفة طاقات وإمكانيات الموظفين معنا، وأن نحاول مساعدتهم للاستفادة الكاملة من هذه الطاقات، وأن تكون هذه محل تقدير واهتمام. إذاً مساعدة الإنسان للشعور بالرضا والسعادة هي المفتاح الحقيقي للوصول إلى العمل الجيد.
ينبغي عند إعطاء أية مهمة أن تكون أهداف هذه المهمة واضحة؛ فليس هناك مجالاً لافتراض أن تكون الأهداف واضحة للموظف، معظم المسئولين يعرفون جيداً ما يجب أن يقوم به الموظف، ولكنهم لا يكلفون أنفسهم عبء اختيار الطريقة المناسبة لإخبارهم بها، فمن المهم أن يعي جيداً الموظف في المنظمة ماذا يفترض منه أن يعمل؛ لتتضح الرؤيا ويتم تنفيذها بالشكل المطلوب، وهذه من أهم مسؤوليات الإداري الناجح. في حالة حصول الأخطاء في العمل؛ فمن المحتمل أن يكون السبب سوء فهم للأهداف أو طريقة الوصول إليها، فمن الأفضل إصلاح هذه الأخطاء بإزالة سوء الفهم أو بمساعدة الموظف في حلها للوصول للطريقة الصحيحة لتحقيق الأهداف، لا بإضاعة الجهد والوقت في نقد ومحاسبة الموظفين.
يلاحظ من بعض الإداريين تصيد أخطاء الموظفين وانتقادهم والمعاقبة عليها؛ فلماذا لا نتصيد الأعمال الجيدة ونكافئ عليها؛ فهذه تزيد من ثقة الموظف في نفسه وفي المسئولين عنه، وتشيع روح العدالة والاستقرار في المنظمة، مما يؤدي إلى ظهور العمل بالشكل الجيد.
عند انتقاد أي عمل؛ ينبغي أن يكون الانتقاد هادفاً لا شخصياً، أي ينبغي أن ننتقد الخطأ وليس الفاعل؛ فهذا يشعر الموظف أننا نقف بجانبه للوصول للهدف وليس ضده لتصيد أخطائه. ينبغي أيضاً أن يكون الانتقاد في حين اكتشاف الخطأ سريعاً، وأن يكون واضحاً لكي يعي الموظف طبيعة الخطأ وتأثيره، ومن الأخطاء الشائعة اختزال الخطأ تلو الآخر والقيام بسرد أخطاء الماضي جميعاً دفعة واحدة -قد تكون في لحظة غضب- مما يولد عند الموظف حالةً من اليأس وعدم فهم الأخطاء فهماً صحيحاً، مما يعرضه للوقوع فيها مرةً أخرى، و علينا أن نعي جيداً أن لا شيء يقتل الطموح عند الموظف مثل كثرة الانتقاد.
ومن المهم أيضاً أن يعرف الموظف مستوى الأداء بعد الانتهاء من المهمة، فليس من المنطقي انتظار التقرير السنوي لمعرفة مستوى الأداء، فسرعة إعطاء الموظف رأي المسئول عن مستوى أداء العمل من أهم المحفزات في زيادة درجة أداء الموظفين للمهام الموكلين بها، كما ينبغي على المسئول عدم تأثير خطأ أحد الموظفين على سير العمل في باقي الأقسام، فكما أن هناك سلبيات يجب تصحيحها؛ هناك إيجابيات يجب الإشادة بها وتشجيعها.